#image_title

عزُّ الدين القسَّام [رَجُــلٌ بــِـــــأمَّـــــــة][4]

عزُّ الدين القسَّام رَجُــلٌ بــِـــــأمَّـــــــة4

عزُّ الدين القسَّام [رَجُــلٌ بــِـــــأمَّـــــــة][4]

ملاحظة هامة: إخواني الكرام هذا الموضوع ليس مني بل من صديقي العزيز أبو عبد الله { رحمه الله} الذي وافته المنية يوم أمس أي يوم الجمعة بتاريخ: 20/4/2012 لذا أتمنى منكم بأن تدعو له بالمغرة و أن يصبر أهله و أن تنشرو هذا الموضوع في كل المنتديات التي تعرفونها ليكون صدقة جارية له بإذن الله تعالى و ينتفع بها المؤمنون و المسلمون في كل بقاع الأرض

للعلم لديه مواضيع كثيرة سأقوم بنشرها قريبا

 

مولده.
نشأته.
أهم ما ميّزه.
تعليمه.
تأصيل روح المقاومة في نفسه.
نشر علمه في أرضه.
القوات الايطالية تدخل ليبيا.
الفرق الثورية في سوريا.
القسام في ثورة جبال صهيون .
القوات الفرنسية تدخل سوريا.
محاولة الفرنسيين اقناع القسام بترك الثورة .
الحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه
القسام في فلسطين .
أعماله في فلسطين .
إعداده للجهاد.
تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشاط القسام فيها .
بداية الجهاد ضد المحتلين.
تضييق الخناق على المجاهدين والانتقال إلى الريف.
خطبة القسام الأخيرة في حيفا .
العثور على القسام.
المعركة بين القسام والمحتلين.
أثر استشهاد القسام على المسلمين.
فلسطين هي القضية المركزية لأمة الإسلام.
تضحياته .
وقفات مع نضال القسام.
أسود على طريق القسام.
الخاتمة والمراجع .

 

 

 

ولد الشيخ المجاهد عزِّ الدين القسام في بلدة (جبَلَة) التابعة لقضاء اللاذقية في سورية عام 1882م.

 

نشأ في أسرة ريفية عرفت بالعلم والتقوى.
أبوه الشيخ عبد القادر مصطفى القسام من المشتغلين بعلوم الشريعة الإسلامية، وأمه حليمة قصاب فهي من عائلة علم ودين.
كان أبوه من المهتمين بنشر العلم، حيث درّس في كُتّاب القرية القرآن الكريم والعربية والخط والحساب وبث روح الجهاد بتعليم الأناشيد الدينية والحماسية، ثم عمل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية.

تميَّز بنبوغه وتفوقه على أقرانه وامتاز بميله للتأمل وطول التفكير.

 

 

 

تعلم عزَّ الدين في كتاب البلدة القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم.
بعد تفوقه في دراسته في الكتَّاب، ذهب إلى مِصر وهو في الرابعة عشر من عمره مع أخيه فخرالدين لدراسة العلوم الشرعية في الجامع الأزهر، فقد كان الأزهر في ذلك الوقت منارة كبرى لنشر علوم الشريعة والعربية.
حضر دروس الشيخ محمد عبده، وارتَوت نفسه من علمه وفهمه.
تتلمذ على معظم حلقات الأزهر، واعتكف في أروقة مكتباته.

 

 

 

كان يرافق اهتمامه بدروس العلم اهتمام آخر بحركات التحرر التي كان يغذيها رجال الأزهر، ففهِم عز الدين أنَ الإسلام دين عز وقوة وتحرُّر وجهاد.
تعرف القسام في مصر على الاستعمار الغربي وجهاً لوجه، حيث كانت مصر خاضعة للاحتلال البريطاني المباشر بعد ثورة عرابي عام 1882، وكان فيها تيار المقاومة الإسلامي للاحتلال قوياً.
رأى القسام هجوم المفكرين المتغربين على الإسلام فكراً وحضارة وتاريخاً، وعايش بنفسه الصراع الدائر بين هؤلاء وبين المفكرين الإسلاميين.
تعرف في مصر على المشروع الصهيوني بأبعاده، وأدرك خطره على الأمة الإسلامية، وأنه وليد الاستعمار الغربي، وسمع عن تطلعات الصهاينة وأطماعهم في فلسطين.
بين مدرسة الشيخ محمد عبده ومدرسة الشيخ رشيد رضا الشامي المقيم في مصر اتضح أمام عينَي الشيخ عز الدين القسام الجهاد وسيلة للدفاع عن حقوق الأمة وللعودة بها إلى سابق مجدها.

 

 

عاد القسام إلى جبَلة عام 1906 بعد أن قضى عشر سنوات في الدراسة في الأزهر.
بعدها حصل على شهادة الأهلية.
قام برحلة إلى تركيا للإطلاع على طرق التدريس في جوامعها.
بعد عودته عكف على التدريس في زاوية والده، في جامع السلطان بن أدهم قطب الزاهدين.
أخذ القسام دور والده في تدريس أطفال البلدة قواعد القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم، وبعض العلوم الحديثة.
تولى خطبة الجمعة في مسجد المنصوري الذي يتوسط البلدة، وغدا بخطبه ودروسه وسلوكه موضع احترام الناس، وامتدت شهرته وسمعته الحسنة إلى المناطق المجاورة فقدم الإسلام بفهمه الواسع الطلق، وربطته بكثير من المواطنين صداقات متينة، فكثر أتباعه، وعظم شأنه، وذاع صيته.

 

 

 

 

لماّ دخلت القوات الإيطالية طرابلس الغرب (ليبيا) عام 1911، قاد القسَّام مظاهرة طافت شوارع جبلة تأييداً للمسلمين هناك.
دعا الناس إلى التطوع لقتال الطليان، وكون سرية من 250 متطوعاً وجَمع التبرعات للأسر المنكوبة، إلا أن السلطات التركية منعته ورفاقه المتطوعين من السفر إلى ليبيا، فعادوا بعد أربعين يوماً من الانتظار، وبنوا مدرسة بمال المتبرعين لتعليم الأميين ومحو الأمية.

 

 

في 27 أيلول 1918 أعلن جمال باشا انسحاب الدولة العثمانية جيشاً وحكومة من سوريا وفي مطلع تشرين الأول 1918 دخلت جيوش الحلفاء دمشق .
في العام 1919 تألفت الفرق الثورية في سوريا بعد قيام فرنسا بتقسيم المنطقة إلى عدة أقسام ، وكانت الفرق الثورية تعمل تحت قيادات متباينة وفي مناطق مختلفة وهذه الفرق هي :
– ثوار إبراهيم هنانو
– ثوار الشيخ صالح العلي
– ثوار صبحي بركات
– ثوار عمر البيطار وعز الدين القسام

 

 

 

خلال الحرب العالمية الأولى ” 1914 _ 1918 ” أخذ القسام يعطي الدروس التحريضية تمهيداً لإعلان الثورة، و عندما نادي المنادي للجهاد وكان القسام أول من لبى و أجاب ، فانضم إلى ثوار عمر البيطار في قرية “شير القاق” من جبال صهيون ، وانتظم في عداد رجالها وتقلد السلاح جنديا في خدمة الإسلام ، وكان معه طائفة من مريديه واتباعه الذين علمهم وهذبهم .
اندلاع الثورة في جبال صهيون كان من نتائج دعاياته وفي هذه المنطقة قاوم القسام أشد مقاومة وكان أول من رفع راية المقاومة لفرنسا وأول من حمل السلاح في وجهها . كما كان في طليعة المجاهدين واستمر هو وإخوانه حوالي سنة في مقارعة الفرنسيين ” 1919 _ 1920 .

 

 

عندما دخلت القوات الفرنسية سورية عام 1920، رفع القسام راية المقاومة ضد المستعمرين الفرنسيين في الساحل الشمالي لسورية.
كان القسام في طليعة المجاهدين الذين حملوا السلاح في الثورة (1919ـ 1920) مع المرحوم عمر البيطار، فقد ترك قريته على الساحل، وباع بيته ـ وهو كل ما يملك ـ واشترى أربعاً وعشرين بندقية، وانتقل بأسرته إلى قرية جبلية ذات موقع حصين.

نجح الاحتلال الفرنسي في جرّ صبحي بركات إلى شباكهم، وحاولت أن تقنع الشيخ عز الدين القسام بترك الثورة والرجوع إلى بيته.
أرسل الاحتلال إليه زوج خالته فوعده باسم السلطة أن توليه القضاء وأن تجزل له العطاء في حال موافقته على الرجوع والتخلي عن الجهاد فرفض الشيخ القسام العرض وعاد رسول الفرنسيين من حيث أتى .

نتيجة لإصراره على خط الجهاد حكم عليه الديوان العرفي الفرنسي في اللاذقية وعلى مجموعة من اتباعه غيابيا ” فلم يزده ذلك إلا مضاء وإقداما، وطارده الفرنسيون فقصد دمشق .
في العام 1920 غادر القسام دمشق بعد أن احتلها الفرنسيون قاصداً فلسطين ليبدأ في تأسيس حركته الجهادية ضد البريطانيين والصهيونيين .

 

 

 

 

بعد ان حكم علي القسام بالاعدام طارده الفرنسيون فقصد دمشق ومنها إلى فلسطين.
عاش القسام ورفاقه في حيفا، ونزلت عائلاتهم في بيت واحد في الحي القديم من المدينة، وهو الحي الذي يجمع فقراء الفلاحين النازحين من قراهم بعد الاستيلاء عليها وتوطين اليهود المهاجرين إلى فلسطين.

أبدى القسام اهتماماً حقيقياً بتحسين أحوال معيشة هؤلاء الفلاحين، وبدأ يكافح الأمية في صفوفهم من خلال إعطاء دروس ليلية، وسرعان ما أصبح فلاحو المنطقة الشمالية وعمالها يكنِّون له المودة والاحترام بفضل زياراته المتكررة لهم وبما يتسم به من أصالة في الخلق والتقوى.
عمل القسام مدرساً في المدرسة الإسلامية بحيفا، وكان يحرص على لفت أنظار الطلاب إلى الدور المستقبلي الذي ينتظرهم في ظل وجود الاستعمار.
عمل بعد ذلك إماماً وخطيباً في جامع الاستقلال بموافقة من مفتي القدس وزعيم الحركة الوطنية الحاج محمد أمين الحسيني.
اتجه القسام في أسلوبه إلى توعية الشعب الفلسطيني بالأخطار الماثلة أمامه، وكان يكثر من القول: (بأن اليهود ينتظرون الفرصة لإفناء شعب فلسطين، والسيطرة على البلد وتأسيس دولتهم).
كان للشيخ القسام دروس في المسجد تقام عادة بين الصلوات المفروضة، وقد جعل منها وسيلة لإعداد المجاهدين وصقل نفوسهم وتهيئتها للقتال، معتمداً اختيار الكيفية دون الكمية.
عمل على تأسيس جمعية الشبان المسلمين عندما استفحل الخطر البريطاني في فلسطين وانتشرت الجمعيات التبشيرية التي تدعو إلى تنصير المسلمين، وقام القسام من خلال نشاطه في الجمعية بتربية جيل من الشباب المسلم، الذين أنقذهم من دائرة الانحراف والضياع بسبب قسوة الظروف الاقتصادية والسياسية، وأدخلهم في دائرة العمل الجاد لصالح الوطن.
وثق اتصالاته بقيادات المدن الفلسطينية الأخرى، وكسب عدداً من شباب المناطق المختلفة للانضمام إلى تنظيم الجهاد. واظب القسام خلال وجوده في الجمعية على إعطاء محاضرة دينية مساء كل يوم جمعة.
كان يذهب كل أسبوع بمجموعة من الأعضاء إلى القرى، ينصح ويرشد ويعود إلى مقره.
تمكن من إنشاء عدة فروع للجمعية في أكثر قرى اللواء الشمالي من فلسطين، وكانت الفرصة للّقاء بالقرويين وإعدادهم للدفاع عن أراضيهم.
عمل القسام مأذوناً شرعياً لدى محكمة حيفا الشرعية سنة 1930، وقد كانت هذه الوظيفة للقسام وسيلة من الوسائل التي اتصل عن طريقها بمختلف فئات المواطنين من شباب وشيوخ، وعمال وفلاحين، وطلاب وموظفين، وتجار وحرفيين، وتحدث إليهم وأقام معهم علاقات قوية كان لها أثر كبير في اتساع دائرة حركته الجهادية.

أسس الشيخ القسام مع صديقه رشيد الحاج إبراهيم – رئيس فرع البنك العربي في المدينة – فرع لجمعية الشبان المسلمين .
وكان ذلك في شهر أيار من عام 1928م، وذلك عندما استفحل الخطر البريطاني في فلسطين وانتشرت الجمعيات التبشيرية التي تدعو إلى تنصير المسلمين، وقام القسام من خلال نشاطه في الجمعية بتربية جيل من الشباب المسلم، الذين أنقذهم من دائرة الانحراف والضياع بسبب قسوة الظروف الاقتصادية والسياسية، وأدخلهم في دائرة العمل الجاد لصالح الوطن.
كان الشيخ القسام يزور القرى المجاورة والمدن ويدعو فيها للجهاد وفي ذلك كان يختار القسام العناصر الطليعية للتنظيم وبدأت عصبة القسام السرية تنسج خيوطها الأساسية في عام 1925م ولكن العصبة لم تبدأ عملها الجهادى إلا بعد العام 1929 م .
كان الأسلوب الذي اتبعة القسام في تنظيم الأفراد يعتمد على مراقبته المصلين وهو يخطب على المنبر ، ثم يدعو بعد الصلاة من يتوسم به الخير لزيارته ، وتتكرر الزيارات حنى يقنعه بالعمل لإنقاذ فلسطين ضمن مجموعات سرية لا تزيد عن خمسة أفراد ثم اتسعت المجموعات لتضم 9 أفراد ، وكان يشرف على الحلقة الواحدة نقيب يتولى القيادة والتوجيه، ويدفع كل عضو مبلغاً لا يقل عن عشرة قروش شهرياً .

 

 

 

يعتبر القسام صاحب دعوة مستقلة وأسلوب متميز وحركة جهادية رائدة سبقت جميع الاتجاهات في ميدان الجهاد المعاصر في فلسطين.
يتلخص هذا الأسلوب في تربية جيل من المجاهدين، فكان يعقد اجتماعات سرية مكتومة في بيته وفي بيوت بعض أصدقائه، يحضرها عدد من الأشخاص المغمورين (غير البارزين أو المعروفين في ميدان الحركة الشعبية)، وكان يختارهم من الذين يحضرون دروسه ومواعظه، ويقوم بتهيئتهم وإعدادهم للجهاد، ويكوّن منهم خلايا جهادية، تقتصر عضويتها على نفر من المؤمنين الصادقين الذين لديهم الاستعداد الكامل للتضحية والفداء.
لم يغفل الشيخ عز الدين القسام الجوانب الأخرى في حركته، فمارس النضال السياسي كجناح آخر من أجنحة الحركة، ومارس التعليم ومحو الأمية وألّف لجانًا للدعوة والدعاية.
عندما تم إنشاء القوة المجاهدة بشكل متكامل، كانت مقسمة إلى وحدات مختلفة المهام، حيث لكل وحدة دور خاص بها تتولاه، وهذه الوحدات هي:
الأولى: وحدة خاصة بشراء السلاح.
الثانية: وحدة خاصة للاستخبارات ومراقبة تحركات العدو البريطاني واليهودي.
الثالثة: وحدة خاصة بالتدريب العسكري.
الرابعة: وحدة خاصة للدعاية في المساجد والمجتمعات، وأبرز أعمالها الدعوة إلى الجهاد.
الخامسة: وحدة العمل الجماهيري والاتصالات السياسية.
السادسة: وحدة جمع المال من الأعضاء والأنصار، ورعاية أسر المعتقلين والشهداء.

لماّ قطعت الحركة شوطاً من الإعداد تم فيه تهيئة المقاتلين للجهاد، ابتدأ رجال القسام بتنفيذ عمليات فدائية ضد المستوطنات اليهودية عن طريق إعداد كمائن والهجوم على أفراد محددين ومستوطنات معينة، بهدف دفع اليهود في الخارج إلى وقف الهجرة إلى فلسطين.
لم تكن أعمال القسام مهاجمة المستعمرات فحسب وإنما قاموا بمجموعة أعمال أخرى ذكرها الأستاذ أميل الغوري في كتابه (فلسطين عبر ستين عاماً) فقال: (أماّ الأعمال التي قام بها القساميون فكانت من أروع ما قام به المجاهد في فلسطين، وعلى الرغم من كثرتها وتعدد أشكالها ومظاهرها، فإنها ظلت محاطة بالسرية والكتمان إلى مدى كان معه أكثر الناس يجهلون مصدر هذه الأعمال، بل كانوا لا يعرفون إطلاقاً بوجود حركة القساميين، وكان من هذه الأعمال: ملاحقة وتأديب الذين يخرجون عن الشعب ومصالحه، مثل التعاون مع الحكومة ضد الحركة الوطنية، والتجسس لحساب المخابرات البريطانية، أو بيع الأراضي لليهود أو السمسرة عليها للأعداء. وكان من أعمال القساميين العديدة الواسعة النطاق، التصدي لدوريات الجيش والشرطة، وقطع طرق المواصلات والإغارة على ثكنات الجيش ومراكز الشرطة، ومهاجمة حرس المستعمرات اليهودية، وزرع الألغام والمتفجرات فيها).

 

 

في الوقت الذي اعتبرت فيه أعمال القسام بمثابة الروح التي سرت في أوصال الأمة، فحركت الهمم وشدت العزائم، وحفزت الناس إلى العمل، كانت الحكومة البريطانية تعلن عن مكافآت ضخمة لمن يدلي بأية معلومات عن منفذي هذه الأعمال، لأنها فعلاً ألقت الرعب في قلوب اليهود الذين رأوا ولأول مرة عملاً جديداً من حديد ونار، وهذه لم يتعود عليها اليهود في فلسطين، وازدادت الحكومة البريطانية واليهود ذعراً وبثوا الأرصاد، ونشروا الجواسيس في الليل والنهار، وصار الاعتقال لمجرد الشبهة.
أصبحت تحركات جماعة القسام تلاقي صعوبة شديدة، إذ استطاعت الشرطة الإنجليزية الحصول على معلومات بشأن عدد أفراد الجماعة وأسمائهم وأسلحتهم، نتيجة التحقيقات المكثفة التي قامت بها، وكذلك استطاعت الحصول على معلومات تساعدهم أكثر وأكثر على تحديد مكانهم.

تسارعت وتيرة الأحداث في فلسطين في عام 1935، وشددت السلطات البريطانية الرقابة على تحركات الشيخ القسام في حيفا، فقرر الانتقال إلى الريف حيث يعرفه أهله منذ أن كان مأذوناً شرعياً وخطيباً يجوب القرى ويحرض ضد الانتداب البريطاني.
أقام في منطقة جنين ليبدأ عملياته المسلحة من هناك. وكانت أول قرية ينزل فيها هي كفردان.
من هناك أرسل الدعاة إلى القرى المجاورة ليشرحوا للأهالي أهداف الثورة، ويطلبوا منهم التطوع فيها، فاستجابت أعداد كبيرة منهم.
وفي الثاني عشر من نوفمبر 1935أعلن الشيخ عزالدين القسام ثورته المسلحة.

 

 

 

 

وقف للمرة الأخيرة خطيباً في جامع الاستقلال في حيفا، وخطب في جمع من المصلين وفسر لهم الآية الكريمة :” ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة . أتخشونهم ؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين” (التوبة 13-14)، وكان في صوته تهدج وحماسة وفي نبراته رنين ألم ممض، وفي عينيه بريق من بأس وقوة، وقال : ” أيها الناس : لقد علمتكم أمور دينكم، حتى صار كل واحد منكم عالما بها، وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد: فإلى الجهاد أيها المسلمون، إلى الجهاد أيها المسلمون” .
ما أن أنهي خطبته حتى كان الحاضرون قد أجهشوا بالبكاء واقبلوا على يديه يقبلونهما وعاهدوه على القتال في سبيل الله.
بعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عن الشيخ القسام للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وعشيرته ، وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليجاهدوا وليستشهدوا .
يذكر أن سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى بحيفا بعد ركوبه فيها .

 

 

غادر الشيخ القسام مع مجموعة من المجاهدين حيفا متجهاً إلى يعبد ، وكان يتعقبهم مجموعة من عملاء البريطانيين إلى أن عرفوا مكان استقرار الشيخ و رفاقه.
عندما عرف القسام أن البوليس قادم لا محالة أعطى الشيخ لاتباعه أمرين :-
1/ عدم الخيانة حتى لا يكون دم الخائن مباحا .
2/ عدم إطلاق النار بأي شكل من الأشكال على أفراد الشرطة العرب، بل إطلاق النار باتجاه الإنجليز .

 

 

كان الضباط الإنجليز قد وضعوا البوليس العربي في ثلاثة مواقع أمامية ولم يكن هؤلاء عارفين بحقيقة الجهة التي أُحضروا إليها وحقيقة الجماعة التي يطاردونها .
اتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل.
ساعدت كثافة الأشجار على تنقل أفراد الجماعة من موقع إلى آخر و استمرت حتى الساعة العاشرة صباحاً .
كان الشيخ من الفعالين في القتال ، فقد حارب ببندقية و مسدس بالتناوب ، في الوقت التي كانت شفتاه تتفوهان بالدعاء.
رغم المقاومة الباسلة التي أبداها الشيخ ورفاقه ، فقد كانت نتيجة المعركة استشهاد الشيخ و اثنان من رفاقه .
بعد انتهاء المعركة ، تعمد قائد البوليس الإنجليزي إهانة جثة الشهيد القسام و يقال أنه داس على رقبته .
كان يردد إذ ذاك (لن نستسلم. هذا جهاد في سبيل الله والوطن. يا رفاقي موتوا شهداء).
واستشهد إلى جانبه الشيخ السيد الحنفي المصري، وهو من مصر، والشيخ يوسف الزبادي من بلدة الديب، وأسر في هذه المعركة أربعة مجاهدين هم: الشيخ حسن الباير من بوركين، والشيخ عرابي من قبلان قضاء نابلس، والشيخ أحمد الخطيب من طولكرم، ومحمد يوسف من نابلس، وقد حكموا بالإعدام، ثم أنزل الحكم إلى السجن المؤبد، وقضوا فيه أحد عشرة سنة. ونسج الفلسطينيون على منواله إلى قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

 

 

في أحراش يعبد في منطقة جنين يوم في 15/11/1935، حددت الشرطة البريطانية مكانهم .
تحصن الشيخ عز الدين هو و15 فرداً من أتباعه بقرية الشيخ زايد، فلحقت به القوات البريطانية في 19/11/1935 فطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات.
أوقع فيها أكثر من 15 قتيلاً، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين لمدة ست ساعات ظن البريطانيون خلالها وكأنهم يحاربون جيشاً كبيراً لما لاقوه من مقاومة شديدة.
في هذه المعركة سقط الشيخ القسام وبعض رفاقه شهداء ، وجرح وأسر آخرون ، لكن نفرا منهم استطاعوا الهرب بجثة الشيخ رحمه الله.
نقل الشهداء إلى حيفا، وتمت الصلاة عليهم في جامع الاستقلال، وشيعت جثامينهم الطاهرة بتظاهرة وطنية كبرى نادت بسقوط الإنجليز ورفض الوطن القومي اليهودي.

 

 

كان لاستشهاد الشيخ عزالدين القسام أعمق الأثر في شباب فلسطين في الثلاثينات والأربعينات، كما أصبح القسام رمزاً للتضحية والفداء، مما جعل بعض المؤرخين يعتبرونه بحق شيخ ثوّار فلسطين.
كان لمنعاه أعظم الأسى في القلوب لمكانته الدينية البارزة ومواهبه الفذة ، وقد أنجب ذرية فاضلة؛ ومن أنجاله الأستاذ محمد عز الدين.

 

 

لماذا ترك عز الدين القسام ساحة الجهاد في سوريا ضد الاحتلال الفرنسى، وقد كان أحد قادة ثورة 1919م وهي الثورة السورية الأولى؟
لماذا ترك موقعه الجهادي في وطنه وانتقل إلى موقع آخر في فلسطين؟!
أليس هذا إدراكًا مبكرًا بأن جوهر الجهاد وأهم مواقعه هو بالتحديد على الساحة الفلسطينية باعتبار أن أخطر وأهم فصول التآمر الصليبي اليهودي هو بالتحديد على أرض فلسطين، وأن على أرض فلسطين يتحدد مصير الصراع الطويل بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية؟ أليس هذا وعيًا مبكرًا بأن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى والأهم، وهي القضية المركزية للأمة الإسلامية؟
لذلك كله فضل الرجل أن يواجه التحدي الصليبي الغربي والتحالف مع اليهود في المكان الصحيح، وفي الموقع الجوهري للصراع.
بذلك يكون عز الدين القسام السوري المولد والنشأة قد طرح وحفر بجهاده على أرض فلسطين أهم حقائق هذا العصر، وهو جوهرية الصراع في فلسطين، وكون القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى.
فضلاً عن هذا المعني المهم فإن جهاد عز الدين القسام على أرض فلسطين يؤكد أهمية الجهاد في كل موقع يتعرض لخطر العدوان، ولعل هذا درسٌ بليغ لكل المجاهدين الذين تركوا القضية الجوهرية (فلسطين)، وراحوا يجاهدون في قضايا أقل أهمية.

هل كان عز الدين القسام يحلم بالانتصار ووقف الهجمة ودحرها؟! بالطبع لا، ولكنه كان يدرك أن ظروف الأمة وظروف الهجمة لا تسمح إلا بحفر رافد للمنهج الصحيح من خلال الدم، رافد للوعي والثورة، رافد للإسلام والجهاد، يمكنه أن يكون أساسًا للبناء حتى لا تتوه معالم الطريق الصحيح، فتضيع القضية برمتها.
لقد ضرب أروع صفحة في التضحية، وهو أول مجاهد رفع السلاح في وجه الاستعمار والصهيونية في فلسطين، ولم يترك في فلسطين بلداً أو قرية إلا بثّ فيها روح الجهاد والدين، وقد انتشرت دعوته فبثّ رجاله في أقطار مختلفة من العالم لجمع المال والسلاح والأنصار.
صحيح أن الشيخ عز الدين القسام طلب من مفتي فلسطين في ذلك الوقت أن يعلن الثورة المسلحة في الجنوب في نفس الوقت الذي يعلنها فيه الشيخ عز الدين القسام في الشمال، ولكن المفتي رفض، ومع ذلك -أي برغم الرفض الذي يعني بداهة أن إعلان الثورة في الشمال سيفشل حتمًا- استمر الشيخ عز الدين القسام وأعلن الثورة في الشمال رغم إدراكه بفشلها الحتمي، ولكنه أراد أن يخطَّ ويحفر بدمه رافدًا عميقًا للتوجُّه الصحيح، ونبعًا أصيلاً ونبراسًا للمستقبل.
استشهد الرجل مع رفاقه الذين قتلوا أو أسروا، ولكنه كان بالفعل قد وضع الطريق الصحيح، وقطع الطريق الخطأ الذي يمكن أن يضيع القضية برمتها وإلى الأبد.

كان في فلسطين كعهده في سورية، فإنه لم يضن بماله وصحته ووقته في سبيل دينه ووطنه وفلسطين، وكانت مواقفه في وجه الصهيونية والاستعمار مضرب المثل، وقد ظل في حيفا زهاء خمسة عشر عاماً يروض النفوس على طاعة الله، وكان خطيباً وإماماً في جامع الاستقلال، وهو الذي سعى في تشييده، وكان رئيساً لجمعية الشبان المسلمين، وقد جمع المال والسلاح لنجدة المجاهدين في طرابلس الغرب أثناء حملة الإيطاليين عليها.

 

 

 

كان عز الدين القسام يدرك حقيقة تفاؤل المستقبل رغم يأس المرحلة، وكان يعرف أن الاستشهاد هو مفجر الوعي، وأن الحسابات لا ترتبط باللحظة الآنية بل تنظر بعين المستقبل، كان عز الدين القسام قد انتصر في الحقيقة حين استشهد، ونجح حين توقفت انتفاضته سنة 1935م.
أطلق عليه لقب أمير المجاهدين الفلسطينيين دون منازع، وأطلق اسمه على مدرسة وشارع في مدينة جبلة مسقط رأسه.
ظن البريطانيون أن مقتل الشيخ يعني انتهاء الثورة وأنهم سيصبحون في راحة، لكن الأمر أتى على خلاف ذلك ؛ إذ كان لمقتل الشيخ القسام الأثر الأكبر في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936, وكانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة حركة المقاومة الفلسطينية بعد ذلك.

 

 

انبلج أثر القسام من بعد موته بنصف قرن، عندما أنشأت حركة المقاومة الإسلامية حماس التي نشأت في العام 1987 ذراعها العسكري، يحمل اسم هذا القائد البطل.. وفي غزة كان تتويج الملحمة التي حضرها القسام بكلماته: “إنه لجهاد..نصر أو استشهاد”
على الرغم من وجود عشرات الشخصيات السياسية والدبلوماسية التي ظهرت في أحداث غزة خلال الفترة الماضية والتي قامت بجهود إيجابية أو سلبية، إلا أن الشخصية الأبرز التي كانت حاضرة بقوة في عالم أضحت بؤرته غزة، هو الشخصية التي رسمت معالم الحرية والاستقلال في فلسطين انطلاقاً من غزة، بكتائبها، بصواريخها ، إنها شخصية القسام.
إن القسام ليس فحسب جناحاً لحركة مقاومة عنيدة عصية على الانكسار ولو جاء بتكالب دولي وتواطؤ محلي وإقليمي، وليس صاروخاً يُلجئ مئات الآلاف من الغاصبين إلى المخابئ كالجرذان تحت الأرض.. إنه روح سرَت في فلسطين، من يوم أن أطل الشيخ محمد عز الدين بن عبد القادر مصطفى القسام على جبل جنين قبل أكثر من سبعين عاماً يهتف بأنصاره، قائلاً: “موتوا في سبيل الله”، قبل أن تغتاله عصابات الهمج الصهيونية فيستحيل الجسد البار صاروخاً يرعب القطعان ويزلزل عمقهم الاستراتيجي، وكتائب تتضاعف أعدادها كلما مرت بها محنة، تخرج خبثها وتستبقي تبرها براقاً واعداً جسوراً، وتلك حكمة الله في الشهداء الأبرار ـ نحسبه كذلك ـ؛ يُستمطر بهم نصر الله أن يبقي الله من أثره لأعدائه ما يسوؤهم؛ بذا قضت حكمة المولى القدير ..
بعد ستين عامًا نجد أن كتائب عز الدين القسام هي نفسها التي تحمل عبء المواجهة، وطريق عز الدين القسام هو الطريق الذي اختاره أبناء فلسطين “الإسلام والثورة والكفاح المسلح” في زمن سقط فيه الكثيرون في مستنقع التعايش مع اليهود.

 

 

المراجع
المسلم
اسلام ويب
قصة الاسلام
الفسطاط المجلة التارييخية
الألوكة
موقع كتائب عز الدين القسام

 

…………………………………
إعداد الموضوع:
aboabdullah
رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته
…………………………………
تدقيق الموضوع:
aboalwleed
…………………………………
تصميم فواصل الموضوع:
لƒ¦ ليـــان لƒ¦
…………………………………